ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات منتديات عذب الاحساس) ~
 
 
 
{ مركز رفع الملفات   )
   
{ ❆فَعِاليَآت عذب الاحساس ❆ ) ~
                          


العودة   منتديات عذب الاحساس > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات عاشق السهر
اللقب
المشاركات 287616
النقاط 283492
بيانات عذب الاحساس
اللقب
المشاركات 532104
النقاط 1309670

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-19-2024, 09:45 AM
حكاية ناي غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » 05-18-2024 (03:29 PM)
آبدآعاتي » 3,687,793
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond reputeحكاية ناي has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2077
الاعجابات المرسله : 2077
أس ام أس ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 
افتراضي أهوال القيامة مشاهد تنخلع منها القلوب (الجزء الأول)

Facebook Twitter


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفرهن ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار، أما بعد:

فيا أيها المسلمون عباد الله، في ظل هذه الأحداث المتلاحقة، وهذه الأخبار المتكاثرة، في ظل طغيان الماديات، والملهيات، والمغريات، وانشغال الناس عما هو آت، دعونا اليوم نترك الدنيا وراء ظهورنا، ونبعد الأخبار، والأوضاع، والأحداث من أذهاننا، ونقف مع أوضاع، وأهوال، ومشاهد لطالما نسيناها، وتغافلنا عنها، من خلالها تحدد السعادة الأبدية، أو الشقاوة السرمدية.



دعونا نقف مع الأهوال، والشدائد التي تحصل في ذلك اليوم العظيم، مبتدئين ذلك بالنفخ في الصور، بتلك النفخة التي تفك أواصر هذا الكون، وتدمر عراة، يوم يأمر الله ملكًا يُدعى إسرافيل أن ينفخ نفخة عظيمة من خلالها يصاب الكون كله بخلخلة عنيفة، تنحل بها كل الروابط التي كانت تربط بين أجزاء هذا الكون، فينفخ في الصور نفخاته التي بها يموت الناس ويبعثون.



ونفخاته قيل: هما نفختان، وقيل ثلاث، والذي رجحه كثير من المحققين أنها ثلاث نفخات، النفخة الأولى هي نفخة الفزع، يقول - سبحانه وتعالى-: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ [النمل: 87]، إلا من شاء الله، من هذا الذي لا يفزع؟ الله أعلم؛ لأنه لم يثبت في ذلك شيء عن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام، وهذه هي النفخة الأولى.



فقد روى الإمام أحمد، وحسنه الألباني رحمه الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم؟! – أي: كيف أهنأ، ويطيب عيشي في هذه الحياة-؟ كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ؟!»[1].



وفي رواية عند الحاكم، وصححها الألباني رحمهما الله، قال: «إن طرف صاحب الصور منذ وكِّل به ينظر نحو العرش؛ مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان!»[2].



هذه النفخة الأولى-يا عباد الله- تمتلئ منها القلوب رعبا، وفزعا!



وتأمل إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].



تصور يا عبد الله، ثم تأمل أمًّا تنسى رضيعها، بل وتلقيه على الأرض من هول ما تسمع، وهو أحب الناس إليها، وهي من أرحم الناس به، لكنها تنشغل عنه في حال إرضاعها.



وتضع كل ذات حمل حملها، ثم تأمل إلى المرأة كيف تسقط جنينها من بطنها؛ لهول الرعب الذي سيطر على قلبها! نسأل الله أن يهون علينا تلك الشدائد، والأهوال!



قف بقلبك، وكيانك- يا عبد الله- وتأمل ما الذي سيحصل لهذا الكون؟ تأمل إلى هذه السورة التي تقرؤها، وترددها، وتحفظها، فلقد روى الإمام أحمد، وصححه الألباني رحمهما الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين، فليقرأ: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ [التكوير: 1]، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ [الانفطار: 1]، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1][3] يقول سبحانه وتعالى: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾؛ أي ذهب ضياؤها، وراح نورها، و﴿ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ﴾ [التكوير: 2] تناثرت، وأظلمت، وسقطت في البحار فتصير معها نيرانًا، و﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾ [التكوير: 3] تدك في الأرض تدك دكًّا، وتنسف نسفًا، وتصبح الجبال كالعهن المنفوش، بعد أن كانت حجارة صلبة، تصبح كثيبًا مهيلًا، تكون هباءً منبثًّا وسرابًا، ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ [التكوير: 4]، العشار هي خيار الإبل، عطلت، أي: انشغل الناس عنها بعد أن كانت من أحب الأشياء إليهم، ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 5] جُمعت وهي مرعوبة، وفزعة، بعد أن كانت ترعب الناس، وتخوِّفهم، ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ [التكوير: 6]؛ أي: تأججت نيرانًا، وقيل: غار ماؤها وذهب.



﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [التكوير: 7]: عادت الأرواح إلى الأجساد، أو رجع كل شيء إلى نظيره على أحد التفسيرين.



وبعد أربعين من هذه النفخة، هل هي يوم؟ الله أعلم، شهر؟ الله أعلم، سنة؟ الله أعلم. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين النفختين أربعون». قيل - يا أبا هريرة-: أربعون يومًا؟ قال: أبيت! أربعون شهرًا؟ قال: «أبيت، سنة؟ قال: أبيت» [4]، أي: أبيت أن أسأل النبي عليه الصلاة والسلام. وبعد أربعين لا يعلم حقيقتها إلا رب العالمين، يأمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور، نفخة الصعق؛ وهي النفخة الثانية، ومن العلماء من جعلها ونفخة الفزع نفخة واحدة، لكن الذي رجَّحه كثير من المحققين أن هناك فرقا بين نفخة الفزع، ونفخة الصعق. يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68].


فعند أن يصعق من في السماوات ومن في الأرض، ويهلك كل شيء إلا وجهه سبحانه وتعالى، وفي وسط هذا السكون المذهل ينطق صوت جليل ومهيب، ينادي الله في عليائه ويسأل ويجيب، ويقول: ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، ثم يجيب نفسه سبحانه وتعالى ﴿ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾.



ويقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ وفي لفظ مسلم: «أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟»[5] وبعد أربعين لا يعلم حقيقتها إلا رب العالمين، يرسل الله تبارك وتعالى ماءً ينزل على الأرض مطرًا - أي: كالطل - كما عند مسلم، وهو كمني الرجال، فتنبت منه أجساد الناس، وفي لفظ، فينبتون منه كما ينبت البقل، فتنبت الأجسام تحت الأرض، أو في القبور بعد الصعق، فإذا أراد الله أن يُحيي خلقه أحيا إسرافيل، وأمره أن يلتقم الصور، وأن ينفخ فيه النفخة الثالثة، ألا وهي نفخة البعث من القبور. فيؤتى بالأرواح تتوقد، أرواح المؤمنين نورا، وأرواح الكافرين تتوهج ظلمة، فتعاد الأرواح إلى الأجسام، فيخرج الله كلَّ مخلوق من لدن آدم - عليه السلام - إلى تلك الساعة. ويُنبت الله أجساد الناس من عظمة دقيقة جدا تسمى عجْب الذنب!



تأمل معي ما رواه البخاري، ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - وهو الذي لا ينطق عن الهوى - قال: «ليس من الإنسان شيء إلا ويبلى، إلا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة» [6].



وهذا العظم هو أول ما يخلق من الإنسان، ومكانه في أسفل الصلب، وعظمه لا يزيد على حبة العدس، وهذا لم يكتشفه العلماء إلا في السنوات المتأخرة.



لا إله إلا الله! تخيل ثم تخيل يا عبد الله هذا المشهد الرهيب، ها هي القبور تنشق في كل أنحاء الأرض، وهاهم الخلق يخرجون من تلك القبور الموحشة، كل واحد يخرج من قبره، وينفض التراب من على جسده، وهو يشخص ببصره في اتجاه واحد، إلى الملَك الذي يقودهم إلى أرض المحشر للحساب، والوقوف بين يدي الله، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾ [طه: 108].



أيتها العظام البالية، أيتها الأجساد العارية، أيها الناس، لقد حان وقت القيام للوقوف بين يدي الله - عز وجل- هذا الموقف الذي لطالما ذكرتم به، وخوفتم منه، ها هو الكون كله يتجه إلى أرض المحشر للوقوف في تلك الأرض لانتظار بدء الحساب. ها هم الخلق يخرجون من قبورهم، ويبعثون على ما ماتوا عليه، ها هو المجاهد يخرج من قبره، وجرحه ينبعث دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك! ها هو الحاج يخرج من قبره وهو يقول: لبيك اللهم لبيك!



ها هم أكلة الربا يقومون وبطونهم منتفخة، إذا أراد الواحد منهم أن يقف، أو يمشي لا يستطيع، بل يقع على الأرض، يقول - سبحانه وتعالى-: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 275]، ها هم أكلة أموال اليتامى، ها هم أهل الغدر، ها هم أهل السرقة، وقطاع الطرق، كلهم يبعثون على اختلاف جرائمهم، ومعاصيهم، يبعثون في هذا اليوم، وما أدراكم ما ذلك اليوم؟! يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يوم الزلزلة، والواقعة، والراجفة، يوم الغاشية، والآزفة، والحاقة، والطامة، والصاخة، يوم القرار، إما إلى جنة، وإما إلى نار!



نسأل الله الجنة، ونعوذ به من النار! أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم!

™˜™˜

(الخطبة الثانية)

الحمد لله العزيز الحميد، كتب الموت على العبيد، وتعالى أن يفنى، أو يبيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.



وما زال للحديث بقية في مشاهد يوم القيامة، وبعد أن تنشق القبور بأهلها، وتُخرج الأرض كل من فيها، يبعث الله الخلائق كلها، و يا ترى من هو أول المبعوثين منها؟ إنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، روى الإمام مسلم في صحيحه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع»[7]، بأبي هو وأمي وروحي عليه الصلاة والسلام.



وأول من يُكسى هو نبي الله إبراهيم عليه، وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم.



وحين أن يبعث الناس؛ يخرجون من قبورهم حفاة، عراة، غرلًا- أي: غير مختونين - كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 104].



تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟! فقال: يا عائشة: الأمر أشد من أن يهمهم ذلك!


يا رب، سلم! سلم! ها هي البشرية تجمعت خلف ملَك من ملائكة الله، يقودهم إلى أرض المحشر، قال -تعالى-: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93].



عند ذلك يبدأ الناس بتصنيف عجيب، فيحشر صنف على قدميه، وصنف عندما يبعث من قبره يرى الملائكة تستقبله، وتنتظره وقد هيأت له من ركائب الآخرة ما لا يعلم جمالها إلا الله، قال سبحانه وتعالى ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴾ [مريم: 85، 86]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [فصلت: 31]، ويُحشر صنف من الناس على وجهه، لا إله إلا الله!



تخيلوا يا عباد الله، مشهد يخلع القلب، وجهه على الأرض، ورجله في السماء، قال - سبحانه وتعالى-: ﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الإسراء: 97]، قال رجل - كما في الصحيحين -: كيف يحشر الكافر على وجهه رسول الله؟ قال «أليس الذي أمشاه على رجليه قادرًا على أن يمشِّيَه على وجهه يوم القيامة؟!»[8] قال قتادة: «بلى وعزة ربنا!».



فإذا وصلت الخلائق جميعا إلى أرض المحشر، وأرجو أن نتدبر بقلوبنا، وأسماعنا، وعقولنا ونحن نرى البشرية كلها من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة، يحشرون في أرض بيضاء، عفراء كقرص النقي، - أي: كالدقيق الأبيض الشديد البياض - والأرض حينئذ ليس فيها معلَم لأحد، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48]، ويقول - سبحانه وتعالى-: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 47].



وفي ذلك اليوم تقترب الشمس من الناس حتى تكون منهم على قدر ميل، يقول العلماء: إن بيننا وبين الشمس في الدنيا ثلاثة وتسعون مليون ميل، ومع ذلك انظروا كيف يحصل لبعضنا من الحر والضيق في وقت الظهيرة. والناس في ذلك الوقت على قدر أعمالهم - أي: عندما تكون الشمس على رؤوسهم - منهم من يكون عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يصل عرقه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا؛ وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فمه، ثم يزداد الكرب، والهم بعد ذلك، حين يؤتى بجهنم تزفر، وتزمجر غضبًا منها لغضب ربِّها؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 23، 24].



يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «يؤتى بجهنم يومئذ ومعها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها».


مشاهد - أيها الناس - والله لو تأملنا فيها لطار النوم من أعيننا! الشمس فوق الرؤوس، والناس غارقة في العرق، وجهنم تزفر وتزمجر لغضب ربها، مشاهد رهيبة لا يستطيع بليغ ولو ألقت إليه البلاغة أعنتها؛ أن يصفها، حتى إن الكرب، والهم، والغم، يلحق حتى الرسل عليه السلام فقد روى البخاري، ومسلم، - في حديث الشفاعة- عن أبي هريرة رضي الله عنه... وفيه: أن الناس يأتون إلى الأنبياء، وكل واحد يعتذر ويقول: «نفسي نفسي، اذهبوا إلى فلان، ثم يذهبون في الأخير إلى النبي عليه الصلاة والسلام فيسألون منه أن يشفع لهم عند ربهم»، فيقول عليه الصلاة والسلام: « أنا لها! أنا لها! قال: فأنطلق فأسجد تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله علي، ويلهمني من محامده، وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، وسل تُعطى، واشفع تُشفع. وهذا هو المقام المحمود الذي يغبطه عليه الأنبياء، فماذا يقول الرحيم؟ فماذا يقول الكريم؟ ماذا يقول الذي أرسله الله رحمة للعالمين؟ يقول: اللهم أمتي أمتي! اللهم أمتي أمتي!»[9].



ثم بعد ذلك تتنزل الملائكة لتحيط بالخلائق من كل جانب، ثم يتنزل حملة العرش، فيقول أهل الأرض للملائكة: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، هو آت، هو آت! يقول سبحانه وتعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22].


ثم ينادي الله على آدم فيقول - كما في الصحيحين -: يا آدم فيقول: « لبيك، وسعديك، والخير في يديك، قال: يا آدم، أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟! قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، وواحد في الجنة، فعند ذلك يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد»! قال الصحابة: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ أي: الذي سيدخل الجنة، قال: «أبشروا فإن منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألفًا»، ثم قال: «والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة!»، فكبرنا، قال: «إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، فكبرنا، فقال: ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود!» [10].



ثم ينادي الله نوحًا - كما في صحيح البخاري- قال عليه الصلاة والسلام: «يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقول لأمته: هل بلغكم نوح؟ فيقولون: ما أتانا من نذير! فيقول الله: من يشهد لك يا نوح؟ فيقول نوح: يشهد لي محمد وأمته، قال عليه الصلاة والسلام: فتشهدون أنه قد بلغ»[11]، فذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].



وفي رواية ابن ماجه بسند صحيح: قال: «وما عِلمُكم بذلك؟ - أي وما أدراكم يا أمة محمد أنه قد بلغ؟ قال: فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك فصدقناه. يعني: آمنا بكل ما جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم » [12].



ثم ينادي الله على عيسى؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 116]، ثم ينادي الله على جميع الرسل في ذلك اليوم فيقول: كما قال في كتابه الكريم: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 109]؛ قال الحسن، ومجاهد، وغيرهما: «إنما قالوا ذلك من الهول، والفزع، والرعب»!



ثم في ظل هذا الرعب، الرهيب، وأمام هذا الموقف المهيب، لا توجد بحار، ولا أنهار، ولا أشجار، وإنما أرض بيضاء مثل الدقيق الأبيض الصافي، ينادي الله في هذا الموقف، والشمس فوق الرؤوس على مجموعة من الخلائق ليظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فمن هؤلاء؟ من هؤلاء؟ إنهم: «الإمام العادل، والشاب الذي نشأ في عبادة الله، والرجل الذي تعلق قلبه في المساجد، والرجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال؛ فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» [13].



وكذلك ورد هذا الفضل في أحاديث أُخر، كمن أنظر معسرًا، أو وضع عنه، ثم يبدأ الحساب وهذا المشهد من أصعب مشاهد يوم القيامة، لكنا سنؤخر الكلام عنه إلى الجمعة القادمة إن شاء الله، ونسأل الله أن ييسر حسابنا، ويُيَمن كتابنا، ويرحم ضعفنا، فهو أرحم بنا من أنفسنا.......



 توقيع : حكاية ناي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 02-19-2024, 09:47 AM   #2



 
 عضويتي » 59
 جيت فيذا » Dec 2022
 آخر حضور » 05-12-2024 (11:08 AM)
آبدآعاتي » 320,627
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » بلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond reputeبلسم الروح has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 0
الاعجابات المُرسلة » 0
 آوسِمتي »

بلسم الروح غير متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك


 توقيع : بلسم الروح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أهوال القيامة مشاهد تنخلع منها القلوب (الجزء الثاني) حكاية ناي › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 1 02-19-2024 09:47 AM
تعلم قراءة سورة القيامة مع شرح أحكام التجويد| الجزء الثاني حكاية ناي › ~•₪•دروس في التجويد ~•₪• 1 01-31-2024 08:31 PM
العصر الأول للبشر والطوفان العظيم - الحضارات المفقودة - الجزء الأول حكاية ناي ›قسم التراث والاثار والتاريخ 1 11-06-2023 06:14 PM
حلقة 25 : لطيفة تشعر بتعب، وتخبر بسمة أنها تشك أنها حامل l هم نوايا حكاية ناي › قسم المسلسلات 1 10-01-2023 07:41 PM
شرح الباب الثانى الصف الأول الثانوى الحصة السابعه الجزء الأول حكاية ناي مراحل التعليم العالي والبحوث العلمية 2 02-02-2023 08:55 AM


الساعة الآن 10:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.